لن يمضى طويلاً حتى تملأ رأسى تلك الشعرات البيض , التى بدأت حملة إغارة أسرابها المهاجرة من الزمن الآتى .
بدأت اليوم, أمام مرآة الاعتياد ,
ظهر بياض لا معتاد, شبت قبل أن أعرف الشباب,
شببت دون مراهقة,
راهقت دونما طفولة ,
و عشت طفلاً ,
سأعيش طفلاً رغم شيبى البادى و جدِّيتى التى تعترض طريق خفتى بصمتٍ لخوف...
أعلم القليل عن تلك الشعرات البيض ,و بالطبع أعلم أكثر عن الشعرات السود الغامقات الملاصقة لها...
علمت اليوم أن سباقى فى الحياة , معتمد على مظهر مباغت, فإن لم أكتفى معرفةً بالشعرات السمراء قبل أن تحتل وجودها البيضاء فسأكون خاسراً و إن لم أستطع أن أعى شعراتى البيض قبل أوان رحيلى , فسأخسر السباق الأزلىّ لأبدِ لا ينتهى...
و سأبقى الخاسر, و ستبقينى الخسارة رهن يأس الفشل, و أمل محاولة جديدة , فرصة أوقن أنها لن تأتى.
ستتداعى الأحداث و الذكريات و الروائح,
ستتداعى الأصوات و المعانى , و النغمات,
تلك النغمات التى أكتب دائما بهاجس موسيقاها المتصلة بروح الكون الحقة,
و لكن من دون بشر ,
فما الداعى لتلك التداعيات رهينة الأبعاد فلا أراها.